لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن داعش وأخواتها، والقرون الوسطى المتجددة واليأس من المستقبل السياسي ليست إلا نتيجة فشل الولايات المتحدة في أفغانستان ونجاحها في موسكو في ثمانينيات القرن الماضي. كانت الحكومات العربية يومها سعيدة بتصدير الإسلاميين إلى أفغانستان وكأنها تتخلص من عبئهم. ولم يكن ببال تلك الحكومات أن فاتورة الإسلام السياسي ستدفع محلياً. ولعل الأميركيين لم يكونوا يتوقعون أن تتحول الدمية الاسلامية إلى مارد يتحكم بالتاريخ والجغرافيا معاً. وعلى نحو مماثل تحولت الجماعات الاسلامية التي كانت تنمو “عب” الأنظمة العربية إلى مارد من الصنف ذاته.
أذكر لوحة إعلانية رأيتها في فولغوغراد، عندما زرت روسيا لأول مرة وكانت البلاد حديثة العهد بالليبرالية، وعليها بالخط العريض إعلان: “أوروبا أصبحت أقرب”. ويصح أن نزين إعلاناتنا اليوم بجملة “أفغانستان أصبحت أقرب”.
بعد أكثر من 23 عاماُ على غيابه، يمكننا القول إن ما نعانيه اليوم في المشرق العربي ليس إلا من آثار ذلك الغياب. تحية إلى ذلك العملاق الذي كان ممتداً على الخريطة من مضيق بيرنغ حتى سهوب وسط أوروبا… يا ليته رقد على أمل القيامة…